بنايات نشاطات الترفيه والتسلية الرومانية في مدينة القيصرية )شرشال(

 أ. كريم مناصر كلية العلوم إلانسانية وإلاجتماعية/ قسم التاريخ جامعة لونيس ي علي العفرون/البليدة

ملخص املقال:

برزت بنايات الترفيه والتسلية في إيول )القيصرية( فور تنصيب يوبا الثاني في الحكم من قبل إلامبراطور أكتافيوس )أغسطس(، وكان هدف يوبا الثاني من وراء ذلك أن يجعل من عاصمته صورة طبق صل لروما التي تربى فيها. واملالحظ أن شرشال من الـمدن الرومانية النادرة في شمال إفريقيا التي احتوت على مسرح وميدان سباق الخيل ومدرج في آن واحد، ناهيك عن الحمامات التي كانت من أبرز مظاهر التسلية لدى الرومان. وقد تعرضت تلك البنايات الشاهقة إلى تدمير سافر أثناء ثورة فيرموس، وعلى يد الغزاة الوندال والبيزنطيين والفرنسيين، حيث استخدمت أحجارها في وضع تحصينات وأسوار، أو بناء مستشفى وغير ذلك.

وأكثر الدراسات حول هذه املعالم ثرية تمت على يد مختصين في علم ثار والتاريخ من املدرسة إلاستعمارية، فجاءت كتاباتهم وصفية حيث قدمت "بطاقات تعريف" ال يمكن إلاستغناء عنها )على الرغم أن العديد من تلك الدراسات متضاربة في معطياتها العلمية(، ثم انصبت أعمالهم على إظهار حضارة الرومان والتباهي بها.

الكلمات الدالة: ميدان سباق الخيل، املدرج، املسرح، الحمامات الرومانية، يوبا الثاني، أغسطس، قيصرية، بوخوس، بطليموس، موريطانيا قيصرية.

مقدمة:

إن أكثر الدراسات حول تاريخ بلدان املغرب القديم التي جاءت على يد كتاب املدرسة إلاستعمارية اهتمت بالفترة الرومانية، وركزت على التجربة الرومانية و واقع املسيحية في إفريقيا الشمالية، وأهملت أوضاع هالي، وذكرت التاريخ الـمحلي من خالل املدن الرومانية ونوهت إلى أن ازدهار املدينة معناه ازدهار البالد كلها! وأكدت تلك الدراسات أن إلانسان املغاربي يتأقلم مع الحضارة الوافدة. وأرشد عالم ثار الفرنس ي ستيفان غزال (S.Gsell) إلاستعمار الفرنس ي إلى تجنب أخطاء الرومان، وأعاب على الكنيسة إلافريقية إخفاقها توسيع الـمسيحية حيث لم تعمق نفوذها في الريف عكس ما فعل إلاسالم.(1) وقد يتساءل القارئ لهذا املقال ما الغرض من ذكر بنايات الترفيه والتسلية الرومانية ونشاطاتها ببلدان املغرب القديم؟ هل نقوم نحن أيضا بدورنا التنويه بـ "إنجازات الرومان؟".. وكان غرض روما من بناءها مختلف املعالم املعمارية إحالل الطابع الروماني من أجل جذب هالي تبعا لشروط محددة

بغية دمجهم في نمط معين يخدم إلاحتالل الروماني.. إلى أي مدى نجحت في ذلك؟

1- مدينة شرشال قبل إلاحتالل الروماني: كانت ميناء تجاريا فينيقيا وراء جزيرة صغيرة محصنة كان يلجأ إليها السكان في حالة اعتداء، وعرفت باسم إيول (IOL) -نسبة إلى إسم أحد لهة الفينقيين-(2)، وبرزت مستوطنة صغيرة في القرن الرابع قبل امليالد. وبعد سقوط قرطاج عام 641ق.م أصبحت إيول تحت سلطة أمراء إفريقيا، من بينهم ميسيبسا ابن ماسينيسا حيث جاء ذكر اسمه في نقيشة اكتشفت في شرشال. وقد أكسبها الرومان كيانا سياسيا منذ عام 601ق.م وتوسع نفوذهم بها )تحكم تدريجي: احتالل تدريجي استند إلى الليمس(. وإثر وفاة بوخوس عام 00 ق.م قسمت إلى مملكتين )طنجية غربا على رأسها بوغود)Bogud(، وموريطانيا الشرقية على رأسها بوخوس الثاني -BocchusII- ملك املور الذي جعل من إيول عاصمة له(. وفي عام40 ق.م، وبعد وفاة بوغود، ضم بوخوس الثاني موريطانيا الغربية، وبعد وفاته عام 33 ق.م، وبحجة أنه لم يترك وريثا حجم أغسطس عن احتاللها بشكل مباشر فعين على اململكتين حاكمين رومانيين، وأقيمت مستوطنات )إيجلجلي، وصالداي وروزاسوس، وزيليس، ووبناسا، وفي الداخل « Tubusuptu »، وحمام ريغة «Aqua Caldae» ومليانة « Zucchabar ». ثم عين أغسطس على اململكة الشرقية عام 51 ق.م يوبا الثاني.(3)

2- شرشال عاصمة مملكة يوبا الثاني:

كانت عاصمة مقاطعة موريطانيا القيصرية ) Caesarensis( نسبة إلى القيصرية )مدينة شرشال حاليا((4)، كانت تمتد على طول الشمال الجزائري حاليا، تحدها شرقا إفريقية )تونس( عند الوادي الكبير(Ampsaga)، وغربا موريطانيا الطنجية )شمال الـمغرب حاليا(. وكان أشهر ملوكها يوبا الثاني زوج سيلين ابنة الـملكة كيليوباترا. وقد عرفت أوجها في فترته الذي سماها قيصرية، وبعد أن ضمها إلامبراطور كاليغوال (Caligula) جعلها عاصمة مقاطعة موريطانيا القيصرية، وقد ترومنت بشكل كبير إال أن مالمح تقاليد السكان صلين ظلت مستمرة مثل عبادة ساتورن.

وضمت فيدرالية قبائل مورية، وأشهر ملوكها يوبا ول )Juba1er( وبوخوس (Bocchus) الذي سلم يوغرطة إلى الـمسؤول الـمالي الروماني )Marius Sulla(. وعلى إثر اغتيال بطليموس(5) اندلعت ثورات املوريين بين عامي46 إلى 14م(6)، وبلغت شرارتها جنوب نوميديا، ثم فيما بين عامي 06 و61م”. ولكن أهم انتفاضة كانت على يد أيديمون ملدة أربع سنوات، وقد تحصن الثوار مازيغيون ” بجبال طلس وظلوا يهددون وليلي ومنطقة النفوذ الروماني، وإذا كان أيديمون قد جند قوات عدة لـمقاومة عداء الالتينيين الغزاة، فإن الرومان بدورهم جندوا” جيوشا هائلة بقيادة سويتونيوس ثم هازيديوس جيتا، وقد استطاع ول أن يبلغ ما وراء جبال طلس إلى نواحي تافياللت، بينما تمكن الثاني من القضاء على آخر ثائر بربري وهو سابال )Sabal( عام 45 أو44م. ومنذئذ، وضع إلامبراطور كلود بالد املغرب تحت الحكم الروماني املباشر، وقسمها إلى قسمين: موريتانيا القيصرية، وموريطانيا الطنجية. وقد حملت 65مدينة رومانية هذا إلاسم.

وقدمت املدينة إمبراطورا يدعى ماكرين (Macrin) 562/218 م،وفي فترة السيفيريين امتدت خطوط الليمس جنوبا. واقتطع ديوكليتيانوس جزء منها وأنشأ مملكة موريطانيا سطيفية. اندلعت بها ثورة فيرموس )325-321 م( حيث أحرقت املدينة عام 326م، وانهزم أمام ثيودوس القديم أب ثيودوس ول الكبير. وخربت على يد الوندال عام 430م، ثم احتلوها عام 431م، وغزاها جوستينيانوس )133-134م( حيث فرضت سلطة البيزنطيين على بعض املوانئ. وفتحها املسلمون بين عامي 200و206م. كما تعرضت لعدة زالزل، وقد ذكرها ابن حوقل في القرن العاشر امليالدي أنها كانت شبه عامرة. عرفت باسم (Sargel)عام 6123م، و Sercelli)،(Sarcel منذ 6113م وهذا التباين في التسميات يدل على أنها تسميات محلية )شرشال من ارتطام مواج أو مياه النهر، القدماء يقولون شر- شال أي الشر اندثر ويقصدون بذلك إلامبراطورية الرومانية(. وقد ذكر إلادريس ي حقول العنب في شرشال والتين ذات الجودة العالية.

املقاطعات الرومانية في شمال إفريقيا

، ? A. Pichot. Théâtres et amphithéâtres : outils de romanisation en Maurétanie .Études de lettres، 1-2 | 2011، p. 171-192

3- بنايات نشاطات الترفيه والتسلية: ميدان سباق الخيل: لم تكن الهندسة املعمارية الرومانية مجرد استلهام من الهندسة اليونانية، بل كانت لها قوتها الخاصة وطابعها الخاص. لقد تعلمها الرومان من خالل: الحروب البونيقية، وحروب الشرق . وتميزت العمارة الرومانية باألقواس مما مكن التحكم في سوار العالية املتينة، حيث استعمل الاسمنت املسلح بالحجارة لتقوية حماية أسوار مدنهم، وابتكروا طريقة بناء سريعة وبأقل تكلفة باستعمال خشاب لتقوية الجدران الـموالية لألقواس وإلعطاء قدرة أكبر لتحمل سوار الطويلة والعالية. والسيرك عبارة عن أرضية طويلة مستطيلة جدا، مشيد خارج املدينة يمارس فيه سباق الخيل وتجري مقامرات بين املتفرجين. وهناك آثار له في قرطاج وسطيف وشرشال(. وآثار سيرك شرشال توجد قرب املقبرة على طريق مليانة، امتد على طول 400م، شكله مستطيل، إال أن جزء منه بيضوي، أسندت مدرجاته من جهة الجنوب إلى منحدر، بينما مدرجات الجهة الشمالية ارتكزت على عقود )اندثرت كلها(.

وقد اشتهرت إفريقيا بامتالكها أحسن حصنة وسائقي عربات الخيل. وجلبت عروض السيرك جماهير غفيرة في القيصرية. وقدم كولندو )Kolendo( دراسة حول سيرك القيصرية(7) وكذا غزال حول ملعب؟(8) وتم التنقيب في مضماري قيصرية و سيتفيس، إال أن البنايتين لم يتم اكتشافهما إال من خالل نقوش وفسيفساء)6(، واملفارقة هنا هي أنه مع شغف سكان بلدان املغرب القديم بسباقات الخيل لم يعثر إال على ثالثة ميادين على كثر خاصة بذلك)60(!

جدول لبعض املعطيات املتوفرة حول ميادين سباق الخيل في موريطانيا القيصرية

أوزيا قيصرية سيتيفيس تاريخ البناء بداية القرن 3؟ بداية القرن 3؟ ا لنصف القاني من القرن 4؟

العرض(Xطوال )الطول - 00م400X 22م410X املعالم حافة السبينا نفس املعالم نفس املعالم ، مقصورة (Meta) حكام السباق املراجع Février، Gaspary (1966) Humphrey (1986) CIL،VIII،9065 Humphrey (1986)

Adeline Pichot، Théatres، amphithéatre et cirques des Maurétanies ،romaines، in. L’ romana، V1، XIII Sevilla، 2006 .Roma 2008، p268

مخطط مضمار سباق الخيل بشرشال

املدرج:

تم توقيع مدرجان بشكل جيد وهما مدرجي القيصرية وتيبازة، أما مدرح سيدي بلعباس )تيغافا كاسترا - Tigava Castra( فاملعلومات حوله شحيحة )66(. ومدرج سيتيفيس، مثل مسرحها، معروف فقط من خالل كتابة نقشية )65(، ولم يتم اكتشاف موقعه. أما مدرج ليكسوس )( في موريطانيا الطنجية فإن تخطيطه املعماري يوحي بذلك. يوجد على مسافة 000م من الفوروم في الجزء الشرقي من املدينة )شرق ساحة العمليات(، وعلى مسافة 110م من الحصن الشرقي عند رأس تيزيرين. وقد احتل جزء من املقبرة البونية. وتم التنقيب في املدرج ما بين عامي 6660و6666م. ولم تقدم بحاث أي جديد خاص عن املدرج، ويالحظ عنه قلة النقوش به.)63( إن شكل حلبته املستطيل ذو زوايا بكورة جعل منه أنموذجا فريدا في العالم الروماني. ولم تقدم بحاث التي أجريت عام 6610م الخاصة باملدرج إال تقارير سطحية، ولم يتم نشر أي مخطط له.)64( وقد شيد على أكثر تقدير، في موقع مقبرة إيول التي تم التعرف على جزء منها على رأس تيزيرين شمال الطريق الوطني، حلبته 44X12م.، تربع على مساحة قدرها 4005م )أكبر من مساحة الكوليزيوم(، وقد شيدت مدرجاته على مرحلتين، ولى بلغ ارتفاعها 66،41م ثم توسعت بخمسة أمتار وذلك ربما في القرن الثاني امليالدي، وعليه اتسع من6600 إلى 64400 متفرجا. وشكل هذا املدرج مساحة مركزية مستطيلة ممتدة بمساحتين نصف دائرتين عند طرفيها. وكانت له عالقة بنوع خاص من العروض تمثلت في صيد الحيوانات الضارية ومصارعات بين فرق مسلحة التي كانت معروفة في فترتي يوليوس قيصر وأكتافيوس، وعليه أراد يوبا الثاني لعاصمته نوعا جديدا من بنايات التسلية تقدم فيها عروض ذات انتشار واسع في تلك الفترة، ولم تكن هذه الحلبة مهيأة هندسيا ملصارعة جالدين، ما يفسر تهيئة حلبة في املسرح في موقع وركسترا. رواق يلج إلى الحلبة مباشرة عرضه 6.11م. احتوى على قبوات سفلية.

جدول معطيات عن املدرجات في موريطانيا

مـــوريتانيا قيصريــة موريتانيا طنجية

قيصرية ستيفيس Tigava تيبازة ليكسوس Castra تاريخ بين 51و1ق.م نهاية القرن 5م ؟ القرن 3م بداية القرن 6 )أو البناء القرن 3م، بين عامي 20 بداية و650م( القرن 4م املقاعد 6600 ثم - - - 4410 64100 محاور 44X606م - 51X44م 31X12م 35X35.1م الحلبة تعديل - - - - املرجع -Ponsich(1976) Baradez Golvin(1988)N°46 CIL VIII ، Golvin “ (1982) (1952) Leveau(1977) 8405 et Leveau Golvin(1988) 8507 (1960) ،N°130 AE et 1928،39 .1949،258 ،Adeline Pichot، Théatres .amphithéatre et cirques des Maurétanies romaines، in .L’Africa romana، V1، XIII Sevilla، 2006، Roma 2008، p265

شرشال، مدرج روماني، صورة التقطت في 1221م، وزارة الثقافة )فرنسا(

Jean-Claude Golvin et Philippe Leveau، L'amphithéâtre et le théâtre-amphithéâtre de Cherchel : monuments à spectacle et .histoire urbaine à Caesarea de Maurétanie، p. 817-843

فسيفساء )القرن 3م( تظهر صيادين يجبرون حيوانات إفريقية ضارية املرور عبر ممر سفينة لنقلها إلى روما.

فسيفساء تظهر مشاهد ملبارزات بين مصارعين.

املسرح: شيدت تقريبا كل الـمسارح الرومانية في بلدان الـمغرب القديم على منحدرات، وأخذت شكال نصف درائريا، أما خشبة املسرح فهي مستطيلة. وجلها احتفظت بجدار الخشبة. وكانت هذه املسارح مزينة بعقود وأعمدة وتماثيل )دليل على غنى الـمتبرعين، وازدهار إقتصادي، وذروة حياة الترفيه والتسلية(، وأكثرها وجدت في املدن الكبرى ، وكان لها طابعا دينيا )معابد بجوارها( دون أن تكون هناك قيمة دينية.

وكانت كل مدينة هامة تملك مسرحا، يقل تواجده من الشرق إلى الغرب، وعدد بنايات التسلية الرومانية في بلدان املغرب القديم يتقلص كلما تغلغل الحكم الروماني بالـمناطق الـممتدة غربا. كما يمكن تعميم أنموذج املسرح الروماني على تلك التي وجدت بشمال إفريقيا ككل)61(. ونفس التماثل أشار إليه املؤرخ "البكري" في القرن الثاني امليالدي أثناء مروره بقسنطينة وضواحيها حيث أكد على الشبه املوجود بين أثر املسرح بهاته املدينة ومسرح "Termeh" بصقلية".

كانت هذه البنايات الخاصة بالتسلية موجودة في مدن هامة، ثرية إلى حد ما، ومعظمها على ساحل البحر املتوسط ما عدا بلعباس )Tigava Castra( وسور الغزالن )( وسيتيفيس )سطيف(. واحتوت شرشال على نواع الثالثة ملثل هذه البنايات. في سيتيفيس تم التنقيب عن السيرك، أما املسرح واملدرج فهما معروفان من خالل نقوش فقط. وقد عرفت القيصرية ازدهارا في نهاية القرن ول وبداية القرن الثاني وبرزت طبقة البورجوازية الحضرية وعليه كانت هناك ضرورة لتجديد بنايات العروض.

احتوت ست مدن في مورتانيا القيصرية ومدينتان في موريتانيا طنجية على قل مبنى أللعاب التسلية.

شيد مسرح شرشال في الفترة التي كانت تنظم في مبارزات الجالدين في الفوروم، وتم تحويل املسرح إلى مدرج إلمكان تنظيم مصارعات الحيوانات )munera(.)61(

ويعد مسرح شرشال، إلى جانب مسرح أوتيكا )في مقاطعة البروقنصلية(، من أولى املسارح الرومانية في بلدان املغرب القديم، حيث شيد بين عامي 51 و61 ق.م على يد يوبا الثاني الذي تشبع بالثقافة إلاغريقية- الرومانية، وقد عاصر مسرح مارسيلوس )Marcellus( بروما، وقد احتل موقعا في وسط املدينة بالقرب من الساحة العمومية (Forum)، وهو اليوم في حالة رديئة إذ استخدمت مواده لبناء ثكنة فرنسية عام 6040م، وقد اندثرت صفوف املدرجات وكان عددها 52 صفا، ولم يبق منه إال قواعد جدار الخشبة. اتجاهه نحو الشمال)62(، وقد بني جزء من الكافيا على منحدر وبالتالي كان يشرف الـمسرح على املدينة القديمة، وكان رواق يحيط باملدرجات ويتوسطها معبد صغير. وصقل جدار الخشبة بالرخام وزين بثالثة طبقات من أعمدة كورنثية وتماثيل وضعت في فجوات )Niches(، وكان هناك رواق وراء خشبة املسرح مزينا هو خر بأعمدة كورنثية من الرخام بيض مع وجود مساحات (Chapiteaux). وأسند إلى إلى ربوة يرجعنا إلى طريقة بناء املسارح عند إلاغريق، البروسكنيوم كان ضخما، والبوديوم تخترقه أربعة شرف الستقبال الحيوانات الـمفترسة ساعات قبل بداية العرض وقد حول إلى مدرج في القرن الثاني أو الثالث امليالدي ووضعت حلبة مكان وركسترا ربما لتعويض املدرج القديم الذي لم يكن يصلح بشكل الئق ملبارزات الجالدين امتدت على طول 630م من الشرق إلى الغرب)60(، و25م من الشمال إلى الجنوب. وقام شارل بيكار (G.Ch. Picard) بدراسته دراسة أثرية)66(.

مسرح شرشال عام 1223م. Jean-Claude Golvin et Philippe Leveau, L'amphithéâtre et le théâtre- amphithéâtre de : Monuments à spectacles et histoire urbaine à Caesarea de Maurétanie In: M. E. F. R. A, T. 91, N°2. 1979. pp. 817-843.

وتم التنقيب في مسرح شرشال عام 6601 ثم خاصة عام 6661 تحت إشراف " J.Glénat" وتحت مراقبة بالو "A.Ballu ". وقد أشار بالو أنه كان من أجمل املعالم العمومية للمدينة)50(. وال عجب أن استدعى يوبا الثاني كتاب إغريق يدعى " P.Antius Amphio"، وهو معتق إغريقي، وكتب تاريخ الفن املسرحي بشكل مفصل حيث احتوى على قل 62 كتابا. وتم قبول استنتاجات غزال مع بعض التحفظ من فريزول"E. Frézouls " وكابوتو "G.Caputo "، والتي كانت تخمينات صائبة.)56( وكان يتم تقديس هرقل وليبر مقديس داخل املسرح و يخمن أن ديكور خشبة املسرح تضمن تمثال أغسطس مدرع الذي عثرعليه بين املسرح والفوروم، وعليه ربما كان هناك مكان مقدس لعبادة إلامبراطور مثلما كا الخال عليه في مسرحي ميريدا )Merida( ولبيبسيس ماغنا )Lepcis Magna( وبوال ريجيا (). وجرت تنقيبات بين عامي 6661و6660 أظهرت املسرح و قد تحول إلى مدرج في العصر املتأخر من إلامبراطورية. وقد شيد حسب رغبة تقديم مصارعة حيوانات وجالدين بحجم املقام امللكي)55( وبدأ البحث ثري بها منذ نهاية القرن 66م. وقد شملت املدينة مساحة قدرها 320 هكتار وتم إحاطتها بسور طوله 4416م. وبلغ القطر الخارجي للكافيا 41م )دون حساب سلم الدخول الجنوبي(، احتوى على 52 صفا من املدرجات موزعة على اثنين من maeniana، في أعالها رواق منحني عرضه خمسة أمتار وفي وسطه بناية مستطيلة 80x6)،4 م( يرجح أن تكون معبدا صغيرا مثلما هو الحال في املسارح إلافريقية. وقد محيت وركسترا منذ الفترة القديمة حيث هيئت حلبة مكانها )وكان قطرها 55م(. وامتد املسرح وملحقاته على 630م شرقا و25م غربا، وقد أجرى "J.A.Hanson" بعض الـمالحظات حول جدار الخشبة "frons scaenae" ذو خطوط مستقيمة مما يجعل انتماء املسرح إلى املجموعة القديمة من املسارح غسطية، وعليه يكون يوبا الثاني انصاع إلى تعاليم أغسطس وبالتالي يصبح املسرح أداة بسيكولوجية للدعاية إلامبراطورية)53(.

مخطط مسرح شرشال Adeline Pichot، Théatres، amphithéatre et cirques des Maurétanies ،romaines، in. L’Africa romana، V1، XIII Sevilla، 2006 .Roma 2008، p261 وقد قزم ش. أ. جوليان من شخصية يوبا الثاني حيث كتب: " ولم ينشط العاهل الجديد نشاط آبائه. ولم تترك له الحماية الرومانية إال املظاهر فقد تسلى باالعتناء باملجموعات الفنية ودب الرخيص")54(.

ومن مظاهر اهتمام يوبا الثاني بالفن الدرامي تأليفه لكتاب تحت عنوان" تاريخ املسرح"، لم يصلنا ش يء من أوراقه وآثاره. وليس لدينا من ذلك سوى الشهادة التقريضية التي أدلى بها املؤرخ الفرنس ي الكروا الذي قال:"اشتهر يوبا على الخصوص بعلمه الواسع فقد ألف كثيرا من الكتب التي ردد ذكرها القدماء، وبقي منها قطع مبثوثة هنا وهناك... من بينها " تاريخ بالد العرب"، "تاريخ آشور"، " آثار الرومان القديمة"، " تاريخ املسرح "، " تاريخ الرسم والرسامين "، " منابع النيل "، " النحو"، "النبات"..)51(

جدول لبعض املعطيات املتوفرة عن مسارح القيصرية مـــوريتانــيا قيصريـــة موريتانيا طنجية

قيصرية سيتيفيس تيبازة زليل (Zilil) تاريخ البناء بين 51-61 ق.م - نهاية القرن 5أو بداية القرن 3م. قطر الكافيا 60 م - 14م نوع الكافيا تستند إلى ربوة - بناء فوق مساحة مستوية عدد 1300 - 3100 املقاعد Scaellum موجود - موجود تعديالت إضافة حلبة )القرن 5أو - 3م( املراجع Akerraz Frézoul (1952) CIL Golvin-Leveau (et al. VIII،8438 (1979 (198I- Lancel (1982) 1982) Gsell(1901) Picard (1980)

Adeline Pichot، Théatres، amphithéatre et cirques des Maurétanies ،romaines، in. L’Africa romana، V1، XIII Sevilla، 2006 .Roma 2008، p261

بنايات عروض التسلية في إفريقيا الشمالية .Maurice Cretot، In l'Algérianiste n°71 de septembre 1995

1- قيصرية - Caesarea - )شرشال(. 2-تيبازة (). 3- سيتيفيس -Sitifis– )سطيف( 4- كويوكول – - Cuicul )جميلة( 5- كيرتا -– )قسنطينة( 6- روسيكادا -Rusicada–)سكيكدة( 7 –هيبو ريجيوس– - )بونة(. 8- كاالما -– )قاملة( 9- جيميالي -– )مليلي( 10- ميزارفيلتة ) Mesarfelta( 11- المبايسيس - - )المباز( 12- تيمقاد )( 13- نوميداروم -Numidarum - )خميسة( 14- مادوروس -– )مداوروش( 15- ثوقة -Thugga– )دوقة( 16-كارتاغو-Carthago–

)قرطاجة(. 17- تيفيست -– )تبسة( 18- ثيسدروس -–)الجم( 19- صبراتة )Sabratha( 20- لبتيس ماغنا - - )لبدة الكبرى ( 21- زليتن )Zliten(.

- الحمامات: موقع االحمامات الرومانية، التي كانت جد هامة في حياتهم اليومية، د في الناحية الغربية على وجه الخصوص، ومعروف ضمن معالم شرشال الحمامات الغربية الثالث، واحد منها موجود قرب باب تنس(Ténès) ال يزال يحافظ على نمطه وطريقة بنائه بالرخام والفسيفساء، وفي الجهة الغربية دائما نجد آثار قليلة جدا تعود للمعبد املوجود بحي قايد يوسف. تقع في شمال شرق الباب الغربي ملدينة شرشال وعلى يمين الطريق املؤدي للميناء إذ يبلغ طولها 661م وعرضها 20م و بذلك تحتل مساحة تفوق 8050م مربع، ولحجمها الضخم أطلق عليها هالي إسم قصر السلطان والحمامات الشرقية. ويرجع تاريخ تشييدها إلى القرن الثاني امليالدي. الحمامات الشرقية أقل اتساعا عن سابقاتها، آثارها ال تزال قائمة. وتم التنقيب عام 6656م في الطريق املحاذي للحمامات من جهة شرق ساحة العمليات والذي شق في موقع ملعبد إيزيس، وتم العثور على تمثال إليزيس، ورأس رخامي ألربوكرات، وآخر لكيريس، وبقايا تماثيل. هذه التماثيل وفسيفساء املسماة " Jugement de Paris " العائد تاريخها إلى القرن الرابع امليالدي، والتي عثر عليها بإحدى قاعان الحمامات، توجد باملتحف)51(. وتمثلت أجزاء الحمامات الرومانية فيما يلي: دكاكين، قاعة مطالعة، ساحة الرياضة )palestre(، القاعة املعتدلة الحرارة )tepidarium( -القاعة الباردة)frigidarium(، القاعة الساخنة )caldarium(-، قاعة ساخنة جدا،سونا، )sudatorium(.،مسابح.، قاعة التدليك ونتف الشعر )unctorium(-، حجرة الثياب )apodyterium(، قاعة الشباب أواملراهقين )Éphébéum(...

مخطط حمام روماني.

،S.Gsell،Guide Arhéologique des environs d Alger (Cherchell .Tipasa، Tombeau de la Chrétienne)، Alger،1896

خاتمة فرضت روما أنموذج عمران املدينة الرومانية، لكن سكان مدن املقاطعات شيدوا مدنهم باستقاللية. ومن أجل الحصول على املواطنة الرومانية كان واجبا بناء مدن على نمط النسيج العمراني الروماني. وكانت بنايات الترفيه والتسلية ضمن الوسائل التي اعتمدتها روما لرومنة مقاطعاتها بإفريقيا الشمالية، ومن أجل تمكين إلاستيطان للوافدين من إيطاليا خاصة بتوفير ما اعتادوا عليه من مظاهر حياتية أساسها التلذذ بمشاهدة عروض املدرجات.. لكن رد فعل هالي، رغم كل ذلك، كان دوما باملرصاد للمحتل حيث استمرت مقاومتهم منذ سقوط قرطاج عام 641ق.م إلى سقوط إلامبراطورية ال رومانية عام 421م. من جانب آخر، وفي إطار ضرورة الحفاظ على املعالم ثرية التي تزخر بها بالدنا، وهي شاهدة لتعاقب عدة حضارات محلية كانت أو دخيلة باملنطقة، وبعضها فريدة من نوعه، مما خلفه العالم القديم لحوض البحر املتوسط، فإن دراستها وإحصاءها وصيانتها قد تساهم، من غير شك، في توضيح حقائق تاريخية تالعب بها غيرنا من "مختصين" أجانب، خاصة املدرسة إلاستعماري، ودحر مفاهيم مغلوطة قد تمس حتى بالحس الوطني. هذا ناهيك عن اعتبارها مصدرا ال يستهان به في دعم مداخيل البالد )تنشيط السياحة( حيث تزخر بمواقع أثرية أكثرها مصنفة ضمن التراث العالمي من اليونيسكو.

الهوامش: )1(- محمد البشير شنيتي، أضواء على تاريخ الجزائر القديم، دار الحكمة، الجزائر، 5003، صص61-63. )2(- إال أن حرف« I» يقترن بكلمة جزيرة صغيرة « Ilot » مثل « ». )3(- شافية شارن، وبلقاسم رحماني، والحبيب بشاري، إلاحتالل إلاستيطاني وسياسة الرومنة، طبعة خاصة، وزارة املجاهدين، منشورات املركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وأول نوفمبر 6614، الجزائر، 500م، صص31-33. )4(- املقاطعات الرومانية: منها السيناتورية، أي تابعة ملجلس الشيوخ عن طريق بروقنصل، أو تابعة لإلمبراطور عن طريق مندوب (Legatus) أو نواب بدرجة (Legati augusti propraetoriani) يختارون من بين أعضاء مجلس الشيوخ الذين سبق أن تمتعوا بسلطة القنصلية. وتمثلت املقاطعات في بلدان املغرب القديم في ما يلي: - مقاطعة إفريقية (Provincia Africa) ضمت أراض ي قرطاجة بعد تدميرها سنة 641ق.م. - مقاطعة إفريقية الجديدة (Provincia Africa Nova)، شملت راض ي الشرقية ململكة نوميديا بعد أن استولى عليها يوليوس قيصر عام 41ق.م وعليه تغير إسم مقاطعة إفريقية إلى مقاطعة إفريقية القديمة )Provincia Africa Vetus(. - في عام 51ق.م أدمج إلامبرطور أغسطس املقاطعتين و عليه برزت مقاطعة إفريقية البروقنصلية (Provincia Africa Proconsularis). - في عام 45م برزت مقاطعة موريطانيا القيصرية )Provincia Mauretania Caesarensis(، امتدت من املحيط طلس ي إلى وادي مبساغا (Ampsaga). - مقاطعة طرابلس )Provincia Tripolitana( التي كانت تابعة لقرطاجة ثم ضمت إلى ماسينيسا إلى أن استولى عليها الرومان، وقد ضمت لبدة الكبرى )Leptis Magna( وصبراتة )Sabratha( وأويا )(. )1(- بطليموس: 53 ق.م-40 م، آخر ملوك نوميديا، نشأ في أسرة ملكية رفيعة املكانة تميزت بوفائها لروما، وفي نفس الوقت وفية لشعبها. وهو إلابن الوحيد ليوبا الثاني. وقد تلقى تربية رومانية وتنشئة شعبية أمازيغية. تولى عرش أبيه في54م .وتزوج جونيا أورانيا، وأنجب منها طفلة "دروسيا". قام بتوحيد مملكة موريطانيا تحت سيادته. وقد ساعد روما في القضاء على ثورة تاكفاريناس، ووشحه مجلس الشيوخ الروماني بصولجان امللك العاجي، وأعطي سترة النصر البطولي، وتم الاعتراف به ملكا وحليفا للرومان..حكم مملكة موريطانيا مابين33 و40 م. وانتهج سياسة أبيه في تمدين اململكة وتعميرها وتقويتها عسكريا؛ وقد جعل أيديمون، أحد عتقائه، قائدا عسكريا فوزيرا للدولة. وتحقق في عهده الازدهار والرفاهية، مما جعل كايوس قيصر)كاليغوال( )51 ق.م- 33 م( يطمع في خيرات املغرب فاستدرجه إلى ليون واغتاله عام 40م، وبموته انقرضت املمالك مازيغية القديمة كلها. ودخل املغرب في ظل الحكم الروماني املباشر. )6(- املوريون: قطنوا القسم الغربي الشمالي إلفريقيا )من طنجة إلى ملوية(، وجزء من الجزائر الحالية، ثم أطلق اسم املور على مازيغ الذين لم يخضعوا للرومان )حسب ما أشار إليه غابريال كامبس(. وفي اشتقاق كلمة "مور" فإن "ريم" عند الفينيقيين تعني "الغربي"، ويرجع البعض الكلمة إلى أصل محلي "أصحاب رض". واستخدم الغرب كلمة "املور" للداللة على املسلمين الذين فتحوا ندلس وهم حاليا املغاربة )خاصة منطقة أريف(. .J. Kolendo، dans Archeologia، t. 25، 1974، p. 44-46 -(7) .cf. S. Gsell، Atlas archéologique de l'Algérie، Paris، 1911، f. 4، 16، 21 -(8) ،FAA، 1953، 3882; M. Leglay، L'archéologie Algérienne en 1954، dans Libyca .arch، épigr.، t. 3، 2e sem. 1955، p. 189 .CIL VIII، 9065. 27. CIL VIII، 8938 -(9) .J. H Humphrey، Roman circuses: arenas for chariot racing، London، 1986، p -(10) 295. .Golvin (1988)، p. 90; Leveau (1977)، p. 290 -(11) .CIL VIII، 8482 et 8507; AE، 1928، 39; AE، 1949، 258 -(12) E.Albertini، les Fouiles en Algérie en 1919 et 1920 ; N.Benseddik، S.Ferdi et -(13) . Ph.Leveau ، Cherchell، Alger، 1983،p.65 ; S. Gsell، Atlas، Monuments antiques de l'Algérie، Paris، 1901، t. 1، p. 203 -(14) A Ballu، Rapport sur les travaux de fouilles et de consolidation effectués en 1918 .par le service des Monuments historiques de l'Algérie، dans BACTHS، 1919، p ،M. Christofle، Rapport. en 1930، 1931 et 1932، Alger، 1933، p. 17 ; L. Leschi ;150 ،L'archéologie Algérienne en 1948، dans R Af، t. 93، 1949 p. 155; M. Leglay .L'archéologie algérienne en 1953، dans R Af، t. 98، 1954 p. 218 .J. Lassus، L'archéologie algérienne en 1959-1960، dans R Af، 1961، p. 440 -(15) Ph. Leveau، Paysans maures et villes romaines en Maurétanie Césarienne -(16) .centrale، dans MEFRA، 85، 1975، 2، p.148 .S.Gsell، Les Monuments antiques de l’Algérie، T.1،p.199 -(17) .Adeline Pichot، Jeux et spectacles en Afrique romaine، p.5 -(18) J. Ch. Picard، La date du théâtre de Cherchel et les débuts de l'architecture -(19) .théâtrale dans les provinces romaines d'Occident، dans CRAI، 1976، p. 386-397 .BAC، 1905، p. 75-76 ; 1916، p. 54-57 et 168-172 -(20) Promenades archéologiques aux environs d'Alger، 1926، p. 68-71، repris -(21) .dans Cherchell، antique loi- Caesarea، Alger، 1952، p. 104-107 .MEFR، LXIV، 1952، p. 142، n. 3 -(22) . N.Benseddik، S.Ferdi et Ph.Leveau ، Cherchell، Alger، 1983،p.65 -(23) )24(- محمد البشير شنيتي، أضواء على تاريخ الجزائر القديم، دار الحكمة، الجزائر، 5003، ص625. )21(- نقال عن الكروا: نوميديا وموريطانيا، أورده إبراهيم حركات وآخرون، دار الكتب، لبنان، ص643. Georges Perrot، Note relative à des fouilles exécutées à Cherchell au mois de -(26) mai 1886، sous la direction de M. Victor Waille، professeur à l'École des Lettres d'Alger، chargé d'une mission archéologique par M. Tirman، gouverneur général de l'Algérie، Comptes rendus des séances de l'Académie des Inscriptions et . Belles-Lettres ، Année 1886، Volume 30، Numéro 2 ،pp. 301-305